ترجمة الإمام البربهاري - سيرة البربهاري

ترجمة الإمام البربهاري رحمه الله
أولاً : اسمه ونسبه :
هو شيخ الحنابلة ، القدوة الإمام ، الحافظ المتقن ، الثقة الفقيه أبو محمد الحسن بن علي بن خلف البربهاري بفتح الباء الموحدة وسكون الراء المهملة وفتح الباء الثانية أيضاً والراء المهملة أيضاً بعد الهاء الألف ، نسبة إلى بربهار وهي الأدوية التي تجلب من الهند .
ثانياً : حياته :
نشأ أبو محمد وسط بيئة علمية جيدة ،فقد جماعة من أصحاب الإمام أحمد منهم الإمام أحمد بن محمد أبو بكر المروزي صاحب الإمام أحمد وأحد نجباء تلاميذه ، وصحب أيضاً سهل بن عبد الله التستري وروى عنه قوله :
(( إن الله خلق الدنيا ، وجعل فيها جهالاً وعلماء ، وأفضل العلم ما عمل به والعلم كله حجة إلاّ ما عمل به ، والعمل به هباء إلا ما صح ، وما صح فلست أقطع به إلاّ باستثناء ما شاء الله )).
ثالثاً : هيبته ومكانته :
كان الإمام البربهاري قوّالاً بالحق ، داعية إلى الأثر ، لا يخاف في الله لومة لائم وكان شديد الإنكار على أهل البدع ولأهواء شديد المباينة لهم باليد واللسان ، صاحب صيت عند السلطان .
ولقد ذكر المؤرخون قصة تبينّ عظم مكانة هذا الإمام فقد سرق القرامطة الحُجّاج فقام فقال : يا قوم من كان يحتاج إلى معاونة بمئة ألف دينار ومئة ألف دينار ومئة ألف دينار خمس مرات – عاونته .
قال ابن بطة : لو أرادها معاونة لحصلها من الناس .
ومما يدل على مكانته أن عبد الله بن عرفة المعروف بنفطوية لما مات في صفر سنة ثلاثة وعشرين وثلاثمائة ( حضر جنازته أماثل أبناء الدنيا والدين فقدم البربهاري لإمامة الناس ، وفي هذه السنة ازدادت حشمة البربهاري ، وعلت كلمته وظهر أصحابه وانتشروا في الإنكار على المبتدعة فبلغنا أن البربهاري اجتاز بالجانب الغربي فعطس فشمته أصحابه فارتفعت ضجتهم حتى سمعها الخليفة وهو في روشنة فسأل عن الحال ؟ فأخبر بها فاستهولها )
رابعاً : زهده وورعه :
اشتهر البربهاري بالزهد في متاع الدنيا ، زهد الذي يملك الدنيا ولكن يضعها في كفه ، أما حب الله ورسوله وإعلاء الحق ففي قلبه . ولذا ذكر المترجمون له أنه رحمه الله تنزه من ميراث أبيه عن سبعين ألف درهم .
خامساً : موقفه من أهل البدع :
لعل أكبر وأجل صفة اشتهر بها الإمام البربهاري هي الإنكار الشديد على أهـل
البدع ، ولقد كان عصره عصراً تموج فيه الأهواء والضلالات وتذهب بالناس مذاهب شتى فكان أبو الحسن من حاملي لواء السنة وقمع البدعة .ولذلك لما دخل أبو الحسن الأشعري إلى بغداد وجاء إلى البربهاري فجعل يقول : رددت على الجبائي ، وعلى أبي هاشم ، ونقضت عليهم وعلى اليهود والنصارى والمجوس ، وقلت لهم وقالوا ، وأكثر الكلام في ذلك فلما سكت قال البربهاري : ما أدري مما قلت قليلاً ولا كثيراً ولا نعرف إلاّ ما قاله أبو عبد الله أحمد بن حنبل ، فخرج الأشعري من عنده وصنّف كتاب ( إبانة) فلم يقبله منه ، ولم يظهر ببغداد إلى أن خرج منها .
وذكر ابن بطة أن بعض المحبين للبربهاري ممن يحضر مجلسه من العوام مرّ وهو سكران على بدعي فقال البدعي : هؤلاء الحنبلية ، فرجع إليه وقال : الحنبلية على ثلاثة أصناف ، صنف زهاد يصومون ويصلون ، وصنف يكتبون ويتفقهون ، وصنف يصفعون كل مخالف مثلك وصفعة وأوجعه .
ولكي يتضح موقف البربهاري من أهل البدع إليك بعض أقواله فيهم ....
سادساً : بعض أقواله :
يقول البربهاري : مثل أصحاب البدع مثل العقارب ،يدفنون رؤوسهم وأيديهم في التراب ، ويخرجون أذنابهم فإذا تمكنوا لدغوا ، وكذلك أهل البدع هم مختفون بين الناس فإذا تمكنوا بلغوا ما أرادوا .
ومن أقواله النافعة قوله : المجالسة للمناصحة فتح باب الفائدة ، والمجالسة للمناظرة غلق باب الفائدة .
ومن شعره قوله :
(شعرمن قنعت نفسه ببلغـتها+ أضحى غنيـاً وظل ممتنعاً
لله در القنـوع مـن خلق+ كم من وضيع به قد ارتفعاً
تضيق نفس الفتى إذا افتقرت+ ولو تـعزي بربه اتسـعا)

سابعاً : تلاميذه :
لما كان البربهاري بهذه المكانة ورفعة المنزلة فقد اجتمع عليه طلاب العلم ينهلون من علمه ويقتدون به في خلقه وسمته . فممن روى عنه : أبو بكر محمد بن محمد بن عثمان ، وابن بطة العكبري ، وأبو الحسنين بن سمعون وغيرهم .
ثامناً : مصنفاته :
لم يعثر على شيء منها إلا كتاب السنة.
تاسعاً : محنته ووفاته :
امتحن هذا الإمام كما امتحن الصالحون من قبله ، فقد كانت المبتدعة تغيظ قلب السلطان عليه . ففي سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة في خلافة القاهر ووزيره ابن مقلة تقدم بالقبض على البربهاري فاستتر ، وقبض على جماعة من كبار أصحابه وحملوا إلى البصرة ، فعاقب الله ابن مقلة على فعله ذلك بأن أسخط الله عليه القاهر بالله وهرب ابن مقلة وعزله القاهر عن وزارته وطرح في داره النار ، فقبض على القاهر بالله سنة 322هـ وحبس وخلع من الخلافة وسلمت عيناه حتى سالتا جميعاً فعمي .
ثم جاء الخليفة الراضي فلم تزل المبتدعة توحش قلب الراضي حتى نودي في بغداد أن لا يجتمع من أصحاب البربهاري نفسان ، فاستتروا وكان ينزل بالجانب الغربي بباب محول ، فانتقل إلى الجانب الشرقي مستتراً فتوفي في الاستتار في رجب سنة 329هـ وله ست وتسعون سنة .وقيل بل عاش سبعاً وسبعين سنة وكان في آخر عمره قد تزوج بجارية.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

ترجمة الإمام البربهاري - سيرة البربهاري
كتاب شرح السنة للإمام البربهاري
 .